السبت، 18 أبريل 2009

كل شيء يبتدئ من الطفولة

مشاركة في ملتقى أدب الطفل
8 إلى 11 أيلول - 2007
عمان-الأردن
بداية لن أقلل من أهمية الثورة المعلوماتية و من تعدد مصادر المعرفة وتنوعها..
ولن أتغزل هنا بالقلم والورق والكتاب ..
كما يحلو لنا أن نفعل في بعض الجلسات الحميمية إذ نتذكر..نحن أبناء وبنات الجيل القديم
وأعترف أنني لم أعد أستخدم القلم والورق إلا ما ندر..
وأعترف أيضا أنني بت أستخدم محرك البحث جوجل حين تستعصي علي معلومة أو كلمة..
كما أعترف بالفضل لمن علمتني هذه التقنية الحديثة..
طالبة عرفتها طفلة تلثغ وكانت ممن يطلن المكوث بين رفوف المكتبة..
جمعت بيننا صداقة الكتاب..
القراءة لا تقتصر على قراءة الكتب..
قراءة الحياة من حولنا شكل من أشكال القراءة..
إنما هل نتوقع أن تتوقف تجربة القراءة عند هذا الحد؟
أعتقد أن من يمتلك مهارات التأمل بقراءة ما يحيط به من معارف .. حتما لابد أن تقوده هذه المهارات إلى اكتشاف عوالم جديدة ومنها عالم القراءة..
دفعني تعلم القراءة للمزيد من القراءة..
كنت أقرأ كل ما يقع تحت يدي من كتب مدرسية لمن يكبرني بالبيت ..
فيما بعد صرت أختلس روايات وكتب يضعها أبي إلى جوار سريره..
لا أعرف كيف علمت زميلاتي بالمدرسة عن قدرتي في كتابة موضوع الإنشاء في دقائق..
وصرت أقايض ما أكتبه من مواضيع التعبير بالروايات ودواوين الشعر..
قبل ذلك قضيت على كل الكتب المرفوعة والمرصوصة في سحاحير في سدة البيت..
ولأن أمي كانت تجهل القراءة والكتابة رغم أنها من علمني فك الحرف وتلك قصة أخرى.. ربما أرويها في الملتقى القادم..
فقد عمدت إلى تفريغ مكتبة أبي لاستخدامها كخزانة لأدوات السفرة من صحون وفناجين وأكواب تستخدم في المناسبات الخاصة جدا..
إلى أن طلبت مني ذات يوم الصعود للسدة للبحث عما لست أذكره الآن..
ما أذكره اكتشافي لأناس ما زالوا يرافقونني حتى اليوم..
من جورجي زيدان إلى إميل زولا ,, ومن بيرل بك إلى شارلوت وأميلي برونتي..وعرفت في السدة أرض النفاق لتوفيق الحكيم وحواري القاهرة والاسكندرية ..في زيارتي لمصر وكلما وقفت على كورنيش النيل أسمع صوت ارتطام جسد سنية بماء النهر….
وبحكم اهتمامي بالكتب وجدتني أشتري الكتب لأطفالي ولم يبلغ أكبرهم بعد الثلاث سنوات..
لم أكن قد اطلعت بعد على دراسات أو أبحاث تربوية عن اكتساب عادة القراءة من خلال الاستمتاع بالقصة إلا بقدر ما تطلبه عملي كمعلمة..
وكانت صديقتي تسخر مني حين تسمعني أقرأ لصغاري باللغة الفصحى..
وبعد اقل من شهر من دخول ابني الروضة كان قد أتقن رسم الحرف وصوته ..
وكذلك ابنتي الوسطى ثم الصغرى..
لم أشق في تعليم أولادي القراءة والكتابة
لا بسبب ذكاء غير اعتيادي ولا لأني كنت أدرسهم .. آمنت بالفطرة أن التعلم لا يتأتى للطفل بحجم الساعات التي يقضيها بالدرس في البيت والروضة أو المدرسة..
ولم أتوقف عن قراءة الحكايات حتى اليوم..
العمل في مكتبة كان بمثابة حلم
وحين قرأت لبورخيس قوله: وتخيلت النعيم مكتبة عامرة بالكتب
آمنت أكثر بحلمي
ربطتني وطالبات شغوفات بالقراءة صداقات امتدت حتى اليوم..
كانت مكتبة مدرسة أم عمارة في إربد ملتقى للمعلمات المحبات للقراءة والبحث..
نقرأ على بعضنا البعض مقالة متميزة في الصحيفة أو نناقش آخر ما كتب درويش أو أدونيس..
تلك الأجواء جعلت من المكتبة مكان حميم ليس للطالبات فحسب بل وللمعلمات أيضا..
في مكتبة روضة المدرسة الأهلية للبنات…
كنت أجلس وراء المكتب أتابع الأطفال يتحركون بحرية بين الرفوف ..أو يستلقون على الأرض حين يكون الكتاب كبيرا أو ثقيلا..
قد يأتي من يسألني عن كتاب عن الطيارات أو عن قصة سندباد.. عندها أرافقه في البحث..
استمتعت في قراءة كتب الأطفال ورسوماتها..
كثيرا ما كنت أسمع طفل يروي لزميله حكاية الكتاب حسب قراءته لرسومات الكتاب.
وفي خلال سنة يعتاد طفل الروضة كل صباح أن يدخل المبنى مسرعا وجهته المكتبة ويقف بالدور ليعيد كتابا استعاره ويستعير كتابا جديدا..
والبعض منهم يتأبط الكتاب ويبدأ بالتجول لاختيار كتاب جديد….
بعد 7 سنوات من مغادرتي مكتبة روضة المدرسة الأهلية.. هاهو حفيدي قيس يأتيني كل يوم بكتاب جديد.. شعوري بالامتلاء يتزايد وأنا أرى أن العادة التي زرعتها قد أصبحت نظاما وسلوكا يوميا.. يمارسهما الطفل والمعلمة معا..
في كتاب بعنوان كل شيء يبتدئ من الطفولة مثل شعبي يقول:
العمل الذي تزرعه .. تحصده عادة
والعادة التي تزرعها .. تحصدها طبعا
والطبع الذي تزرعه .. تحصده مصيرا
..

ليست هناك تعليقات: