السبت، 18 أبريل 2009

لغة الموسيقى4 .. والخوخ تحت المشمشة

  مساء فيروزي… والخوخ تحت المشمشه
ونفرت الدموع رغما عني، خليط عجيب من المشاعر انتابتني وأنا أصغي وأرنو إلى فيروز سامقة على مسرح الأرينا في جامعة عمان الأهلية، لست أدري لماذا؟ ولن يفهم الشاب الجالس إلى جواري لماذا؟ بدأت أعبث في حقيبتي بحثا عن منديل.
رأيت في تلك الوقفة كل من رافقني رحلة الحياة، أبي وأمي، عمتي شقيقاتي أسرتي الصغيرة.
طفنا وتجولنا في بيوت وعرائش ماتزال تسكننا.
كان هناك أيضا فيلمون وهبه وزكي ناصيف وجوزيف حرب ونصري شمس الدين وعاصي والياس وزياد الرحباني.
لحظة بدأت فيروز تهدهد الوالي في مسرحية "صح النوم"تهليلة " يللا تنام ريما يللا ييجيها النوم"
 أغنية غالبا ما كنت أغنيها لطفلتي، وما زال أخواها يذكران كيف كنت أستبدل اسم ريما باسم رند، وأغير لون الشعر ليصبح "شعرا أسود ومنقى
".
في الأمس كان لقائي الثاني بفيروز، وكان لقائي الأول على ما أعتقد في بداية الألفين، في المرتين يأتيني طارق ببطاقة لحفل فيروز رغم فداحة ثمن البطاقة، ويبرر إصراره على شراء الدعوة برأي لم يتح لي رفض الدعوة الباهظة الثمن: فيروز بتسوى، وأنت أيضا، منذ صغرنا عودتنا سماع الموسيقى من الرحبانية وفيروز وأم كلثوم وعبد الوهاب، ولولا ذلك لما كنّا ما نحن / أنا وأخواتي/عليه الآن.
أذكر في مطلع التسعينيات أو قبل، جاءت ابنتي رسل / طالبة الفنون الجميلة – تخصص موسيقى / ومعها شريط جديد، وضعت الشريط في جهاز التسجيل : أرجوك أمي اسمعيه للآخر وسأحب أن أسمع رأيك.
كانت تلك أغنيات فيروز بتوقيع موسيقي من ابنها زياد، كيفك إنت وزعلي طول أنا وياك وبتمرق علي أمرق ما بتمرق ما بتمرق مش فارقة معاي موش فارقة معاي.
أمسكت نفسي حتى انتهت الأغنيات، لا أنكر أني شعرت باختلاف النكهة.
فوراً وبعد توقف الصوت، جاءت ابنتي وسألتني: هه ما قولك فيما سمعت؟؟؟
أعتقد سأحبها لأنها فيروز.
الآن أستمتع بسماعها ليس لأنها فيروز، لأنها بحق جميلة، التغيير في البداية يربك، أحببناها مع زياد كما أحببنا فيما بعد، كان غير شكل الزيتون.. كان أكبر هالبلكون.. وضاق خلقي يا صبي.
بالأمس شمخت فيروز كما دائما هي، لم تثن ال70 قرنفل / اسم فيروز في المسرحية / من الوقوف على خشبة المسرح ما يزيد عن الساعة ونصف، ولن أجد في استخدام "البلاي باك" للأغاني أي استخفاف بالجمهور كما سيرى البعض، فالفكرة تستحق إعادة العرض الذي أنتج قبل 30 عام.
استمتعت ب"يا قمر يا قمر ضوي ضوي عالشجر" كما لو أنها تغني لي وحدي، رغم الآلاف من محبي صوت فيروز وموسيقى الرحبانية والكلمات المحكية التي تشبه كلامنا اليومي.
ساهمت فيروز والرحبانبة في الارتقاء / ليس فحسب / بالذائقة الموسيقية، بل وفي تعويد أجيال على ارتشاف الغناء مع قهوة الصباح وتقبل الحياة ببساطة وحب ووعي.
ما زلت أذكر كيف توقفت عن الشدو أثناء حرب الميليشيات في لبنان، وبعد وأد الفتنة في منتصف التسعينيات،  وقفت في وسط بيروت وفي ساحة الشهداء وغنت للبنان.
شموخ فيروز جاء لأنها لم تنتظر أعطيات الولاة. فقط، بالمدن والإنسان والطبيعة تغنت..

ليست هناك تعليقات: