السبت، 18 أبريل 2009

لغة الموسيقى3


عندما تغني اللاذقية

أوصى الروائي العربي وابن الساحل السوري "حنّا مينا" الموسيقي الشاب بزيارة جبرائيل سعادة في مدينة اللاذقية… هناك سيجد ما يبحث عنه من الموروث الموسيقي لمدن الساحل السوري.. ولأن العمل التلفزيوني تدور أحداثه ما بين مدينتي طرطوس واللاذقية والريف المحيط بهما.. فقد كان عليه وهو الذي منذ اكتشف التعبير لا يكف عن السؤال..أن يسأل كيف كانت عليه الألحان في المرحلة التي يتناولها العمل..سيلتقي جبرائيل سعادة.. وسيبعث الحماس في شيخوخة سعادة رحمه الله وسيفتح له مؤرخ مدينة اللاذقية مكتبته الموسيقية على مصراعيها..وقع اختيار طارق الناصر على أغنية " يا محلى الفسحة على راس البر" وعمل جبرائيل سعادة يومها على تسجيل الأغنية على شريط / لم يكن النسخ على أل سي دي متوفرا كما هو عليه الآن / كان ذلك في شتاء ال93 إذ لم تخنني الذاكرة..أسمعني الغناء المسجل منذ عشرات السنوات.. وسيتضح لمن يستمع للتسجيل أن الغناء مؤدى بعفوية من مجموعة ربما كانوا من البحارة ويبدو أن التسجيل كان لغايات التوثيق ليس إلا… التوزيع الجديد بالآلات الشرقية والغربية وبروح شابة بعث الحياة في اللحن الجميل.. التفت الموسيقيون والمطربات للتيمة الجميلة للأغنية القديمة.. بعد انتشار اللحن من خلال العمل التلفزيوني نهاية رجل شجاع..صيف 2007 التقيت صديقتي مناة الخير الشاعرة القادمة من مدينة اللاذقية للمشاركة في مهرجان الشعر في مدينة الرمثا..لا أذكر من منا بدأت بالدندنة بالأغنية.. عندها تذكرت لقاء ولدي بجبرائيل سعادة…كانت مناة الخير تتحدث باستمتاع عن ابن مدينتها جبرائيل سعادة، الوريث الوحيد لعائلة غنية وعريقة توفرت له بيئة ثقافية غنية من كتب وموسيقى.. ربما لم يتوقع أحد لابن سعادة وهو في مطلع شبابه يعيش الحياة المترفة أن يقوده عشقه لمدينته إلى ما آلت عليه حياته.. باحثا ومؤرخا يضع كل ثروة العائلة في خدمة التوثيق التاريخي والثقافي لمدينة اللاذقية-أوغاريت!لحظة انهالت عليه الكتب بسبب ارتباكه / حسب ما روى فيما بعد /في مكتبة الاستشراق الفرنسية بمدينة باريس باحثا عن مؤلف حول الموسيقا العربية كتبه مستشرق فرنسي..كتاب " راس شمرا" من ضمن الكتب التي انهالت عليه..راس شمرا ؟ إنها منطقة تبعد عن اللاذقية مسافة عشر دقائق، ويتذكر أنه كان يرافق العائلة والأقارب في رحلات الصيد إلى مكان يدعى راس شمرا. كان ذلك عام 1946 انهيار رف الكتب في مكتبة الاستشراق على سعادة كان نقطة التحول في حياة الشاب الذي لم يتجاوز عمره آنذاك 24 عام..وبالرغم من حصوله على إجازة الحقوق من المعهد الفرنسي للحقوق في بيروت عام 1944رجع جبرائيل سعادة إلى مدينته وبدأ في البحث عن تاريخ مدينته أوغاريت.. راس شمراكان أول مؤلفاته "أوغاريت" دراسة باللغة الفرنسية عام 1954 .. وترجمه للعربية في العام 1955نشأته في بيت عني بالموسيقى والأدب دفعه لجمع التراث الموسيقي في موسوعة "عندما تغني اللاذقية"لم يتزوج وآلت كل ممتلكات العائلة التي وظفها في حياته إلى مدينته.. فكان بيت العائلة أول دائرة آثار وأول متحف وأول مكتبة وطنية وملتقى الباحثين وطلاب المعرفة..وكان الدليل السياحي لعلماء الآثار والمهتمين بالتاريخ.توفي عام 1997 بعد أن أغنى المكتبة العربية بمؤلفات عن تاريخ اللاذقية.. وقد أوصى بمكتبته التي ضمت ستة عشر ألف مجلد إلى جامعة تشرين..في كل مرة أسمع فيها غناء " يا محلى الفسحة على راس البر.. والقمر نور ياعيني على موج البحر"أردد بيني وبين نفسي ليرحمك الله يا جبرائيل سعادة،
http://www.rummusic.com/the_music.htmيتبع..>

ليست هناك تعليقات: