الثلاثاء، 10 يوليو 2007

سرفيس


أغادر سيارة السرفيس عند الدوار...
اختلس النظر إلى الكتب المفروشة على الرصيف..
الصغيرة تنتظرني في الحضانة...لا وقت للتوقف عند الزرعيني
اجتاز الشارع.. ألمح محل جوزيف النصراوي.. أراه يعد ساندويشات النقانق الشهية..
أتذكر طفليّ العائدين من المدرسة.. أزيد من سرعتي في المشي.
في الحضانة تنشج الصغيرة... تلقي بنفسها بين ذراعي.. أمسح دموعها بوجهي مبتلعة دمعي..
أعلق حقيبتها باليد التي تحمل حقيبة الأوراق والدفاتر وأحملها باليد الأخرى وأذهب.
في الطريق أخبرها بأن علي أن أعد الطعام وأغسل الملابس..
وسأدير لها التلفاز لتستمع بالصور المتحركة..
أحاول الاعتذار لها لعدم توفرالوقت للعب معها.
أعثر أخيرا على مفتاح البيت..
كل دقيقة محسوبة.. أدلف المنزل..
منظر البيت العام يبدو للداخل مرتبا ونظيفا.. استطعت أن أجعل أولادي يرتبون أسرتهم قبل الذهاب للمدرسة وأحرص على غسل أكواب وصحون خلّفها إفطار الصباح، أضع الصغيرة على سجادة غرفة الجلوس.. وألقي لها ببعض الوسائد على الأرض..
أفتح التلفاز وأخبرها عن الأعمال التي علي إنجازها فترة بعد الظهر، تنظر لي تبدو أنها فهمت ما أقول.
أعد لها قارورة الحليب.. وبصحن صغير أضع أمامها قطعة من كعكة..
صنعتها مساء اليوم السابق..
أرص الكتب والدفاتر وأوراق الطالبات على طاولة السفرة، في انتظاري الليلة تصحيح مئة وخمسون ورقة، أتجه على الفور إلى المطبخ.
أجمع الملابس والمناشف المتسخة استعدادا للغسيل.. أبدأ بتسخين الطعام..
أكتشف أنني ما زلت أرتدي ملابس الخروج..
أسارع لتغييرها كي لا تتسخ..
أختلس النظر للصغيرة وابتسم حين ألمح الأقدام الصغيرة تلوح في الهواء.. وبكفيها وأسنانها تقبض على قارورة الحليب!
يزعق الباب ويدخل الصغار مثيرين ضجيجاً لا يختلف عن ضجيج تلامذتي حين يدخلون الصف كل صباح.. كم أراها الآن محببة..
انهماكي بالعمل داخل وخارج البيت ومتابعة الأولاد في الدروس واللعب وأثناء مشاهدة التلفاز، للاسف أفقدني في بعض الأحيان متعة التعرف على التغييرات والتحولات الظريفة التي يمر بها الأطفال..
يدور الحديث حول ملاحظات المعلمات أثناء تناول طعام الغذاء.. يلهون قليلا..
بعدها تتحول طاولة السفرة إلى طاولة للدراسة.. تتوزع عليها الكتب والدفاتر..
أتنقل بين صغيرين يعدان واجباتهما المدرسية وطفلة تبحث عمن يلهو معها.
يقترب الظلام.. يغتسل الصغار ويجلسون لمشاهدة التلفاز..
أسمع لغوهم من المطبخ.. يتصاعد اللغو إلى شجار..
ألقي ما بيدي وأسارع لفض الاشتباك.. تقترب الساعة من الثامنة..
أكون قد أنتهيت من غسل الملابس والصحون وإعداد الطعام لليوم التالي.. وهذا موعد إطغاء النور وإيقاف التلفازاستعدادا للنوم.. وتمسي طاولة السفرة مكانا لتصحيح الأوراق وتحضير برنامج حصص دروس اليوم التالي.. استمع أثناءها لفيروزيات منتقاة.. في العاشرة ألملم الأوراق.. أفتح التلفاز أتابع نشرة الأخبار وانتظر فيلم السهرة.. بعد يوم حافل أقضيه مع الصغار في المدرسة والبيت.. أشعر بحاجتي للإصغاء لما يتحدث به الكبار / فالزوج يعمل في مدينة بعيدة يحضر ليوم واحد في الأسبوع فقط / إن لم يرق لي الفيلم أنتقل لكتاب أقرأه.
الساعة الخامسة صباحا..
أعد للصغيرة وجبات الحضانة وللطفلين الساندويشات..
أحضر الحليب والبيض للإفطار وأعد قارورة الحليب.. لأبدأ في إيقاظ الجميع..
حافلة المدرسة التي ستقلهم للمدرسة ستحضر في السادسة والربع.. أساعدهم في ارتداء ملابس المدرسة ، أرتدي ملابسي على عجل وأبدل ملابس الصغيرة..
ينطلق زامور عال..
يركض الصغار
لا تنس المعطف
لا تخلعي الطاقية عن رأسك
أحمل حقيبتي المثقلة في الأوراق وحقيبة الصغيرة وأنطلق مسرعة..
فالحصة الأولى تبدأ الساعة السابعة.
زارتني جدتي ذات مرة.. أقامت لدي ثلاثة أيام.. سألتني بشفقة بعد أن خلد الصغار للنوم وشرعت بتصحيح الأوراق: ستي.. هل يبقى لك ذهن للقراءة والكتابة.
في يوم كنت أقرأ في كتاب.. جائني الصغيران وبنبرة اتهام سألاني معا : ماما أتحبين فيروز ؟
أجبت: طبعا.
ثم أعقباه بسؤال تعمدا فيه إحراجي: ولكنها قليلة أدب.. سمعناها تقول لجدها وك ياجدي، أترضين أن نقول لجدي "ولك" ؟؟؟
فجأة وجدتني بمواجهة راشدين يقفون لي بالمرصاد..إن ضبطت متلبسة بالاستماع لأغنية " تافهة " أو أصغيت لحديث صديقات عن المستخدمات الأجنبيات!

ليست هناك تعليقات: