السبت، 18 أبريل 2009

في بلاد العرب السعيدة

من غسانية إلى أروى اليمانية…
تنبهت من نوم لا أدري كم استغرقني… حتى بت أظن إني نمت قرون طويلة
وجدتني في بيت صنعاني الصنعة..ومن بعيد ينساب صوت يردد.. يانسيم الصباح سلم على باهي الخد.. نبهه من منامه..
في مقيل يماني… شبابيكي مشرعة على بيوت آزال… المدينة ما زالت خاشعة والبنايات بدت مثل جداريات أبدعتها ريشة رسام عاشق…
شبابيك البيوت مفتوحة على دهشة محدقة لمن مروا من هنا..
علي أن أهبط خمس وخمسون درجة لأحتسي قهوة الصباح في المقشم( الحديقة )..
درجة سميكة وأخرى رقيقة..، كما هي الحياة..!
في بستان البيت الصنعاني.. بيت علي الهيصمي الذي تحول إلى نزل حميم.. يأتيني رطن غريب اللسان.. يضع النادل أمامي قائمة الطعام بأسماء غير يمانية..
أسأله: ألا تصنعون الأكل اليماني؟
يجيبني بالنفي.. بعد الانتهاء من تناول الطعام أكتشف أنه أعد بنكهة يمانية فريدة في المذاق والصنعة….
مذاق الأطعمة هنا ليس لها شبيه… من حنيد وعقدة ورز مكلل بالزبيب الأخضر ومخبازة وحلوى بنت الصحن!
تتسلل باقة ضوء ملون من قمريات بأعلى الجدار.. صمتك يأتيني قاسيا.. كأنه قد من صخرة شاهقة في جبل رم لم تلامسها الرمال الوردية بعد!
هل يتوجب علينا نحن المهجرين من يمن.. أن نؤوب إليها.. لتشف أرواحنا من عبق تمتلئ به الأمكنة؟
أرتدي ملابس كنت فيها برفقتك.. التفاتتك الحميمة تعشعش في الذاكرة… فأحسبك يدك تلامس كتفي..
هل قلت بأنك غادرت عدن قبل عشرات السنين عنوة…!
لن أسألك الأن كيف للشاعر أن يجعل من الأوشاج مزقا مبعثرة…!
كيف جئت هنا.. هل كنت أنت من دفع بي إلى الرحيل من المدينة الصخرية إلى مدينة النقوش الملونة….؟
لذت بصنعاء منك..
أهرب منك.. فأجدني أبحث عنك وعني… في سمسمرة النحاس… ألمسك في حبة مرجان عدنية مرة.. وألمسني في عقد من عقيق يماني..
في باب السباح من صنعاء القديمة… في علية تطل على السيالة…
هل سبق وشهدت سيل عمان حين كان يحد في الشتاء… قبل أن يصبح اسمه سقف السيل…؟
بالأمس تمنيت المطر… طمأنني العامري علي.. أنها ستمطر غدا.. هكذا تكهن.. فأمطرت والسيالة حدت.. الشارع صار نهرا جاريا..
أسمع صدى لميسون البجدلية تردد وبيت ينبح الطراق دوني… أحب إلي من لبس الشفوف…
لو أن معاوية أتى بك ياميسون إلى صنعا لما لامستك الغربة…
هنا البيوت شيدت ليسكنها الأطفال والأجداد… هنا البيوت زخرفت بعروق الريحان وزهرات الفل والكادي…. فبقيت محتفظة بزهو بلقيس..
لو أنك كنت هنا… يوم ذهبنا في رحلة للمحويت… إنها بلاد يرقص في سماءها الغيم… سفوح اصطفت الحواكير بها مستلهمة انحناءات السفوح… بيوت معلقة على قمم الجبال تحوم حولها السحب…!
أصعد الدرج الحجري.. أبحث عن المفتاح… أفتح باب عليتي… ينتشر عبق من بخور آزال ليعطر أنحاء المكان…
ويتسلل غناء شجن… ألا ياليت لي في الأمر صنعة… وأسلا من سلى عودي وبراني.. …
عن موقع عناوين ثقافية

ليست هناك تعليقات: