السبت، 18 أبريل 2009

ال60

كتبهاربيعة الناصر ، في 3 آذار 2007 الساعة: 07:56 ص
استيقظ كل صباح وأثناء تناول القهوة أبدأ في ترتيب برنامجي اليومي..
من مرور على مكتبة أطفال ومتابعة العمل فيها، سماع ملاحظات المشرفات وما يستجد من احتياجات للمكتبة، متابعة التقارير والأبحاث المطلوبة، وإجراء المكالمات الضرورية المتعلقة بارتباطات جديدة..
أبحث بين هذه الالتزامات عن فسحة تتيح لي الالتقاء بحفيدي الصغيرين لإضفاء بعض البهجة على نهاري..أو الالتقاء مع صديقة أو صديق حول فنجان قهوة
أنا امرأة نهارية.. توقظني الشمس كل صباح..أعمل طوال النهار وحين تقترب الشمس من المغيب يشتد توقي للعودة للبيت..
في البيت أفتح بوابة الانترنت كما أشرع باب مكتبة.. أعد الطعام وأتابع نشرات الأخبار وأقلب صفحات كتاب أقرأ منه بضع صفحات.. أكتب بضع رسائل وأستكمل بحثا كلفت به.. أحيانا أتمنى لو تزداد ساعات اليوم عن أربع وعشرين ساعة..
حين تقدمت بطلب التقاعد من عملي كمعلمة في وزارة التربية والتعليم.. وكنت قد تجاوزت العقد الرابع من العمر، أصابت الدهشة معظم الأقارب والأصدقاء….
أنت تتقاعدين وقد تجاوز أبناءك مرحلة الرعاية الحثيثة.. ماذا ستفعلين في البيت..
أذكر الآن.. وأنا أشهد فصل الربيع للمرة ال60..
في تلك المرحلة كنت أحس أنني بت إمرأة مستنفذة.. أطفال وبيت وعمل في المدرسة..كانت لدي أمنيات بسيطة أتمنى تحقيقها كأم وامرأة وكمهتمة بما يدور حولي في الحياة..
أشتاق للاستيقاظ من غير هرولة.. وأتمنى إعداد طعام مطهو على نار هادئة لأسرتي الصغيرة..الاستماع لأحلام أبنائي والاستمتاع معهم
قراءة كتب مؤجلة.. متابعة نمو النباتات المنزلية والحديقة..
ارتياد دور السينما من غير أن أغفو في منتصف الفيلم من شدة الإرهاق..
وجدتني ومن غير تخطيط للفكرة أجيب كل من يسألني هل حقا تقاعدت وستجلسين في البيت..
لا.. بل لأخطط لمستقبلي الآتي.. وأصبح مستقبلي القادم هاجسي..
سنوات.. ويغادر الأبناء البيت.. ويصبح لكل واحد منهم عالمه الخاص.. وماذا عني؟ أين عالمي أنا؟
أراني الآن وبعد مرور خمسة عشر سنة ما زلت أعمل ولساعات طويلة.. إنما بانتقائية وضمن اهتماماتي المحببة.. وأعمل فيما يتبقى لي من وقت على تدوين ذاكرة الفصول الأربعة في حياتنا..
ليس هناك أجمل من أن تحظى بشعور الاستمتاع بالعمل..
كغيري من الناس في بلادي لم يكن لي خيار في صياغة حياتي أو اختيار عملي ومهنتي..
أزعم أني ما زلت أبحث عني..
أجد بعضي في أبنائي، وبعضي الآخر في من رافقتهم في تعلمهم..وأحيانا أجدني في من رحل عن الدنيا.. وقد أكتشفني في أناس تعرفت عليهم حديثا..
في أماكن عشتها، وأخرى ما زلت أسعى لاكتشافها..لا أزعم أن أحلامي في الحياة قد تحققت.. إنما لا أنكر أن ما تحقق لي في الحياة يروق لي.. رغم ما رافقه من إخفاقات في كثير من الأحيان..
أجمل ما في الأمر اليوم أني أستعد الآن لاستقبال الربيع ال60 وقد استكملت مقرر الأمومة بدرجة جيد حسب اعتقادي.. رغم ما رافقها من تبعات متعبة من مقرر الزوجية
وسأجمع صباح غد في طريقي زهور الأقحوان والدحنون والسوسن التي لم تتوقف عن التجدد في بلادي في كل سنة من شهر أذار..وكل ربيع والحياة بخير

ربيعة الناصر
3 آذار 2006
rabeea.alnasser@gmail.com

ليست هناك تعليقات: