الاثنين، 10 فبراير 2020

يساط أُمّي

جلوساً على البساط، تبدأ اللعبة، تتقافز الأصابع الصغيرة وتكرج صيحات فرح بريئة، هذه بيجامة بابا المخططة، وهذا قميص النوم المزهر لأمي، وهذا ثوب العيد المخمل الأزرق، وتلك تنورة عمتي المشجرة.
تمضي الساعات ونحن الصغيرات آنذاك، نبحث عن ثيابنا التي تحولت بمهارة الأمهات وخبرتهن التليدة في فنون التدوير من غير دورات تدريبية مدفوعة الرسوم، إلى قطعة فنية بديعة تحمي أقدام أفراد الأسرة من قارص البرد الكامن في أرضية البيت.
هذا البساط المخصص لتغطية الفراغات المتبقية من أرضيات البيت، نراها في الصالة الداخلية المخصصة لاجتماع العائلة، في غرف النوم إلى جوار السرير وفي الطرقة المؤدية للمطبخ والحمام.
لم تعد من أساسيات مهامنا المنزلية الآن، بل بتنا نستعيد ذكرياتنا بشراءها واقتناءها، صناعة سويدية من مخازن أيكيا أو صناعة هندية من مخازن كارفور.
جلسات إعداد البساط تبدأ من البيت، صرّة كبيرة (شرشف قديم) منتفخة، وممتلئة بملابس أفراد الأسرة القديمة.
في المساءات الشتوية، تفرد الصرة، وتبدأ الأم والعمة وحولها الأخوات الثلاث الصغيرات بالفتق والقص، والقص مهارة تتطلب أن تجعل من قطعة القماش حبلاً واحداً، يتم ربط الحبال القماشية، لتبدأ عملية اللف على شكل كرة، بعد تكوير حبال قصاصات القماش، تلقى في كيس مخصص لكرات القماش الجاهزة، ليصار إلى إرسالها للحائك لنسجها بسطاً تزين طرقات البيت.
لم أعرف شكل الحايك (النساج) ولم أر بحياتي شكل آلة النسيج التي كان يعيد بها تشكيل ملابسنا ببراعة واحتراف إلى بساط زاه الألوان، لكنه حتماً كان يستمتع بتوزيع الألوان بحس فنان تشكيلي.