السبت، 4 يوليو 2015

معلم الرياضة

في الخمسينيات، انتقل "خازر الهلسا" من مدينته الكرك، ليتسلم عمله في مدرسة "عي" معلما للتربية الرياضية ومسؤولاً عن النشاط الكشفي في المدرسة.
ممتلئاً بحماس الشباب، وعى عال بالمسئولية الاجتماعية قبل أن تصبح مفهوماً عالمياً يتباهى به أصحاب المال والأعمال.
ناشطاً إجتماعياً، صاحب نخوة ومرؤة بالفطرة، من قبل اختراع كلمة (تطوع) في كل مكان يحل فيه، .
تشتهر قرية "عي" بكثرة الينابيع ويساتين الزيتون والتين وكروم العنب.
أثناء تجوله مع زملائه وأصدقائه من أهل القرية، لفت انتباه معلم الرياضة، أن مياه الينابيع تذهب هدراً بسبب القنوات الترابية البدائية، اجتمع مع أهالي البلد وشيوخها، أقترح الأستاذ خازر عليهم تشييد قنوات إسمنتيه، بدلاً من تلك القنوات الترابيه التي تتعرض للاندثار المستمر، ما يؤدي لتسريب المياه و ضياعها و هدرها، أعْجِبَ الأهالي بهذه الفكرة، و كتبوا العرائض لوزارة الزراعة، مطالبين بناء قنوات اسمنتية تسقي المزارع من غير هدر لمياه الينابيع، لم يأت خبر من العاصمة يجيب مطالب أهالي بلدة "عي" وكادت الفكرة أن تموت بسبب الإحباط الذي أصاب الناس لعدم اكتراث أهل الحكومة في عمان.
لكن أُستاذ الرياضه ومسئول النشاط الكشفي "خازر الهلسه" وفي يوم جمعة، اليوم الذي اعتاد أن يقضيه مع أسرته في الكرك، والذي كان قد اتفق مع إمام المسجد على إلقاء خطبة بعد أن ينتهي الإمام من خطبة الجمعة.
حضر للمسجد يرافقه عشرون طالبا من فريق الكشافة، وبعد أن أنهى إمام المسجد خطبته، ومن على منبر المسجد، وقف المعلم  "خازر الهلسا" وخاطب أهالي البلدة بضرورة المباشرة في مشروع قنوات الري، وحثهم على التفكير في آلية تنفيذ المشروع، وأنهى خطبته بقوله: ولمن يود التبرع، شباب الكشافة في انتظاركم.
في ذلك اليوم، تم جمع مبلغ 91 دينارا، سلمها لأحد الوجهاء الذي بدوره سلمها للمتصرف مطالباً بتنظيم الري في بلدة عي، وبدأت الآليات في مد قنوات اسمنتية في أنحاء البلدة.
يستذكر أهالي "عي" ذلك الحدث، كيف أن الأستاذ المسيحي ألقى "خُطبةً ثانيه" في المسجد بعد الخطبه الرئيسيه، وعن مشروع القنوات الإسمنتيه، وعن أعمال تطوعية أخرى لخدمة مجتمع البلدة، شارك بها الأهالي ومعلم الرياضة قبل أكثر من خمسين سنة.
ولم يكتف المعلم بتنظيم الري في البلدة، بل كان له الفضل في بناء مدرسة عي، وقد كانت في السابق غرفاً متناثرة ومستأجرة، بمثابرته في مطالبة وزارة التربية بتخصيص مبني مدرسي متكامل للمدرسة.
هؤلاء هم معلمونا الأوائل، رواد اجتماعيين